التخطي إلى المحتوى

كشفت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، عن تحقيق أجرته من داخل معتقل سديه تيمان، والذي تم فتحه بعد هجوم السابع من أكتوبر، استمر على مدار 3 أشهر، أجرت فيه مقابلات مع معتقلين سابقين، بالإضافة إلى ضباط عسكريين إسرائيليين، وأطباء وجنود خدموا بالمعتقل.

وأثار معتقل سديه تيمان الذي يديره الجيش الإسرائيلي ويحتجز داخله أسرى فلسطينيين في ظروف غير آدمية، حالة من الجدل، حيث أكدت جماعات حقوق الإنسان أنه شهد انتهاكات بحق السجناء.

وحسب الصحيفة الأمريكية، وجد أن 1200 مدني فلسطيني جرى احتجازهم في معتقل سديه تيمان، في ظروف مهينة، حيث لم يكن لديهم أي قدرة على المثول أمام المحاكم لمدة تصل إلى 75 يومًا.

وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي سمح لطاقمها بالاطلاع لفترة وجيزة على جزء من مركز الاحتجاز، وكذلك إجراء مقابلات مع قادته ومسؤولين آخرين، بشرط الحفاظ على عدم الكشف عن هويتهم.

وذكرت نيويورك تايمز، أن الجيش الإسرائيلي منع المعتقلين من الاتصال بمحامين لمدة تصل إلى 90 يوما، كما قام بحجب مكان احتجازهم عن أقاربهم ومحاميهم.

من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إن هذه الإجراءات مسموح بها بموجب اتفاقيات جنيف، التي تحكم الصراع الدولي، والتي تسمح باعتقال المدنيين لأسباب أمنية، فيما قال عدد من القادة في المعسكر، إنه من الضروري تأخير الوصول إلى المحامين من أجل منع مقاتلي حماس من نقل رسائل إلى قادتهم في غزة، مما يعيق المجهود الحربي الإسرائيلي.

شهادات معتقلين فلسطينيين في سديه تيمان

وفي مقابلاتها مع الأسرى الفلسطينيين، قال 8 معتقلين سابقين في سديه تيمان، إنهم تعرضوا للركل والضرب بالهراوات وأعقاب البنادق وجهاز كشف المعادن المحمول، أثناء احتجازهم.

وأضاف أحدهم أن ضلوعه كُسرت بعدما تم إجباره على الجلوس على صدره، فيما قال سجين آخر إن ضلوعه كُسرت بعدما رُكل وضُرب ببندقية، فيما ذكر 
7 معتقلين أنهم أُجبروا على ارتداء الحفاضات فقط في أثناء استجوابهم، وقال 3 إنهم تعرّضوا للصعق بالكهرباء في أثناء استجوابهم أيضًا.

ووفقًا لقادة المعسكر، فإنه بحلول أواخر مايو، كانت إسرائيل قد اعتقلت ما يقرب من 4 آلاف شخص من غزة في سديه تيمان، بما في ذلك عشرات الأشخاص الذين تم اعتقالهم خلال هجوم طوفان الأقصى 7 أكتوبر الماضي.

وقال القادة إنه بعد استجوابهم، تم إرسال نحو 70 % من المعتقلين إلى سجون مخصصة لهذا الغرض لمزيد من التحقيق والملاحقة القضائية، أما من تبقوا، أي ما لا يقل عن 1200 شخص، فقد تبين أنهم مدنيون وعادوا إلى غزة دون اعتذار أو تعويض، وفق الصحيفة.

وذكر معتلقون سابقون إنهم كانوا معزولين تمامًا عن العالم الخارجي، وأُجبروا في بعض الأحيان على الاستماع إلى الموسيقى الصاخبة للغاية التي منعتهم من النوم، حتي قال أحدهم أن الدم بدأ يسيل من داخل أذنه.

سائق سيارة إسعاف يروي تفاصيل اعتقاله في معتقل سديه تيمان

يقول محمد الكردي 38 عامًا، وهو سائق سيارة إسعاف احتُجز في ذلك المعسكر أواخر العام الماضي، حيث قضى 32 يوما، فيما قال أنه شعر وكأنها 32 سنة، مضيفًا أنه جرى اعتقاله في نوفمبر الماضي، بعد أن حاولت قافلة سيارات الإسعاف التي كان يقودها المرور عبر نقطة تفتيش عسكرية إسرائيلية جنوبي مدينة غزة.

اعتقال أثناء البحث عن الطحين

وفي سياق متصل، قال فادي بكر، الذي يدرس الحقوق والبالغ من العمر 25 عاما، إنّه قد اعتُقل في 5 يناير، قرب منزل عائلته، مضيفًا أنه نزح مع عائلته من مدينة غزة، فيما جري اعتقاله خلال عودته إلى حيه للبحث عن بعض الطحين، لكنه وجد نفسه وسط تبادل لإطلاق النار، حيث أصيب ببعض الجروح.

ولفت إلى أن الجنود الإسرائيليين عثروا عليه وهو ينزف بعد توقف القتال، قائلا إنهم جردوه من ملابسه، وصادروا هاتفه ومدخراته، وضربوه مرارًا واتهموه بأنه مسلح نجا من المعركة.

وفي سياق آخر، استنكر يوئيل دونشين، وهو طبيب إسرائيلي يخدم في المعسكر، إنه لم يفهم لماذا اعتقل جيش الاحتلال العديد من الأشخاص، مؤكدا أنه من غير المرجح أن يكون بعضهم مسلحين شاركوا في هجمات أكتوبر على إسرائيل.

وأضاف: كان أحد السجناء مصابًا بشلل نصفي، وآخر يزن نحو 300 رطل، وثالث يتنفس منذ الطفولة من خلال أنبوب جرى إدخاله في رقبته، مضيفًا: لماذا أحضروا أولئك الأشخاص إلى المعسكر؟ لا أعرف، لقد كانوا يحتجزون أي شخص على ما يبدو.

وواصل الأسرى الفلسطينيون شهادتهم عن الظروف القاسية التي لاقوها داخل سجون الاحتلال، حيث قال 8 معتقلين سابقين آخرين، إنهم تعرضوا للكم والركل والضرب بالهراوات وأعقاب البنادق وجهاز كشف المعادن المحمول في أثناء احتجازهم، فيما قال أحدهم إن ضلوعه كُسرت بعد أن ركله جندي في صدره.

وضمن جرائم جيش الاحتلال قال جندي إسرائيلي خدم في نفس المعسكر للصحيفة، رافضا الكشف عن هويته، إن زملاءه كانوا يتفاخرون بضرب السجناء بشكل منتظم، لافتًا إلى إن أحد السجناء نُقل للعلاج في المستشفى الميداني المؤقت بالموقع، بسبب كسر في أحد عظامه في أثناء احتجازه، بينما أُخرج آخر لفترة وجيزة بعيدًا عن الأنظار وعاد مصابًا بنزيف حول قفصه الصدري.

أسرى في مجمع الشفاء الطبي

يقول الممرض يونس الحملاوي، البالغ من العمر 39 عاما، إنه جرى اعتقاله في نوفمبر الماضي عقب مغادرته مستشفى الشفاء في مدينة غزة، قائلا إنه جرى وضعه على كرسٍ موصول بالكهرباء، حيث تعرض للصدمات لدرجة أنه أصبح يتبول بشكل لا إرادي، قبل أن يتوقف بعد ذلك عن التبول لعدة أيام.

وفي ذات السياق، أفاد تقرير لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، إلى أن أحد المعتقلين السابقين يبلغ من العمر 41 عامًا، ذكر في شهادته أن بعض المحققين في المعتقل أجبروه على الجلوس على شيء مثل عصا معدنية ساخنة كالنار.

يشار إلى أن الجيش الإسرائيلي أعلن في وقت سابق، عن تشكيل لجنة استشارية برئاسة رئيس الأركان هارتسي هاليفي، لدراسة أوضاع المعتقلين في 3 معسكرات منذ السابع من أكتوبر الماضي، موضحا أن الظروف الحالية على خلفية العدد منقطع النظير من المعتقلين وعدم اتساع السجون التابعة لمصلحة السجون لاستقبالهم، تطلبت استمرار احتجاز الكثيرين بمعتقلات وسجون تخضع لمسؤولية الجيش لفترات أطول مما كان متوقعًا.


مصدر الخبر : https://www.cairo24.com/2021611

التعليقات