التخطي إلى المحتوى

تابع أحدث الأخبار
عبر تطبيق
google news

في عصر المعلومات وتيسير سبل الوصول إلى البيانات، بات كل شخص قادرًا على إبداء رأيه في مختلف القضايا بمجرد نقرات قليلة على لوحة المفاتيح. لكن، هل يمنحنا هذا  الواقع حق المجادلة فيما لا نملك عنه معرفة كافية؟ وما التأثير المترتب على هذه السلوكيات على المناقشات العامة وصنع القرار؟

تتجذر المشكلة في ثقافة “الرأي للجميع” التي تُشجع على التعبير عن الآراء بغض النظر عن عمق الفهم أو مدى الاطلاع. هذا النهج يقود إلى ما يُعرف بـ “ديكتاتورية الجهل” حيث يكون للأفكار غير المستندة إلى أساس معرفي صدى مماثل للأفكار الموثقة والمدروسة.

“الإعلام لا يصنع الحدث”
نحن لسنا في عصر ” جوبلز” ولكل وقت اذان، لقد نفذت وصيته بالحرف “فكذبت ليسمعك الناس” وعدم الرد ليس ضعفا ولكن اتباعًا لقوله تعالي” إذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما” صدق الله العظيم
كما أن المجادلة فيما لا نعرفه يمكن أن تؤدي إلى تشويش المناقشات العامة وتقود إلى اتخاذ قرارات غير مستنيرة. على سبيل المثال، في النقاشات الصحية العامة، قد تؤدي المعلومات غير المستنده لمعرفه حقيقيه ليست مجرد اجتهادات حول اللقاحات أو الأدوية  تودي إلى تردد الجمهور أو رفضهم للتدابير الصحية الموصى بها.

علاوة على ذلك، يُظهر التاريخ كيف أن الجدال فيما لا نعلم يمكن أن يعيق التقدم العلمي والتكنولوجي. خذ مثلًا، الجدال حول الفلك في العصور الوسطى، حيث كانت الآراء الشعبية والأيديولوجية تعرقل قبول النظريات العلمية الجديدة.

لتعزيز نوعية النقاش العام وتحسين صنع القرار، من الضروري أن يتخذ كل فرد منا مسؤولية عن تقصي الحقائق والتحقق من المعلومات قبل إبداء الرأي.

نعم السوشيال ميديا هي من أهم  منصات إبداء الرأي وهي ايضًا احد الأسباب الرئيسيه لانتشار (الشعبوية)، لكنها لا تملك من المصداقية والمهنية وتحليل المحتوى والتأثير ما تملكه وسائل الإعلام التقليدية.. صحيح أن تويتر أصبح رافدًا مهمًا للأخبار، غير أن التحليل والتحقيق والتتبع وقراءة مآلات هذه الأخبار ما زالت حتى الآن لدى الصحافة والفضائيات التلفزيونية. 
وأعتقد انه يجب أن يكون العمل على تثقيف الذات واجبًا مستمرًا لكل مواطن، مع الإيمان بأن العلم والمعرفة هما السبيل الأكثر فعالية لإثراء المناقشات والوصول إلى قرارات حكيمة.

إن الانفتاح على تعلم الجديد والاعتراف بحدود المعرفة الشخصية يسمحان بتبادل الأفكار بطريقة أكثر إنتاجية وموضوعية. فليس العيب في عدم المعرفة، بل العيب في التظاهر بالمعرفة دون أساس.

في نهاية المطاف، يجب أن نسعى لإنشاء ثقافة تقدّر الحقائق والدلائل العلمية، وتعظم من شأن الخبراء في مجالاتهم، وتعتبر المعرفة الحقيقية قوة دافعة للنقاش البنّاء وليس مجرد أداة لكسب المجادلات.

مصدر الخبر

التعليقات