التخطي إلى المحتوى


الأحد 28/أبريل/2024 – 04:10 م

كأفكار وشعارات كثيرة فقدت معناها في عالمنا الكان عربيًا – ذات لحظة عربية – صرنا نجترها حنينا وحسرة – فقدت الجائزة – خاصة الأدبية منها – معناها الأدبي الذي كان بمثابة حكم قيمة على منتج وكاتب ومكانة، فبدلًا من أن تصبح الجائزة تتويجًا لمسيرة حافلة بالإنجازات، أو تعبيرًا عن قيمة مضافة فى الكتابة، أصبحت إعانة مادية لكاتب مريض أو عجوز أو مكافأة مادية خاضعة لاعتبارات أيدلوجية أو قُطْريةٍ لا علاقة لها بالكتابة كقيمة في ذاتها.

لذا تحولت الجائزة لموسم إعلامي وإعلاني يزول أثره بزوال عرضه، رغم أهمية الجائزة فى فرز وتقديم أصوات جديدة وحساسيات جديدة أيضا فى الكتابة، ورغم أهميتها الكبيرة في انتشار الكاتب وتوسعة مقروئية النوع الأدبي، إلا أنها ليست بريئة طيلة الوقت، فزيادة وكثرة الجوائز العربية وعلو قيمتها المادية على معناها الأدبي خاصة في العقدين الأخيرين أفقدها صوابها كما أفقد المتنافسين عليها صوابهم من أجل الحصول عليها.

ثمَّة كُتَّاب معروفون أصابتهم لوثة الجوائز فراحوا يتفرغون لها تمامًا ويعطّلون مشاريعهم الأدبية لصالح عمل يرضى توجهات الجائزة ومحكّمييها بل إن بعضهم يراعي في حجم روايته الحجم الذي يفضله المحكمون والتكنيك الفني والموضوعات التى لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تتعرض بالنقد للدول والمؤسسات التي تقوم على أمر هذه الجوائز حتى لو كانت متورطة في تمويل وتصدير الرجعية والإرهاب!

من هنا وبعد دخول حلبة السباق سنويًا جوائز جديدة عربية بأرقام فلكية تجاوزت بكثير جائزة نوبل- الجائزة الأهم والأكبر عالميا- وبعدما بات من المتوقع أن يحصل كل من يكتب في الوطن العربي على جائزة بصرف النظر عن مستواه، وبعدما لم يعد يتذكر أحد أسماء من يحصلون على الجوائز بسبب كثرتهم وكثرة الجوائز، وبسبب أنهم ليسوا أصحاب مشاريع كتابية حقيقية يمكن أن تحدث تأثيرا حقيقيا لدى القارئ العربي الذي بات هو الآخر من أكاذيب العرب! من هنا وقعت الجوائز العربية فى فخ العدمية واللاجدوى والفوضى غير الخلّاقة كما فقد الكاتب العربي رمزيته ومصداقيته ومن ثمّ تأثيره وحضوره في الشارع العربي الذي وقع بدوره وبسهولة تحت عجلات الطائفي والعرقي والمذهبي والقومي، وذلك لأن المثقف والمبدع العربي لم يصنع له قشرة سميكة من الفن والعقل تحميه من الوقوع فى شرك هذه اللحظة المنهارة.


مصدر الخبر : https://www.cairo24.com/1997596

التعليقات