التخطي إلى المحتوى

أكد معالي الدكتور هلال بن علي السبتي وزير الصحة العمل الاستراتيجي للتكامل والشراكة بين قطاعات مقدمي الرعاية الصحية على المستوى الوطني، معتبرا تداخل وازدواجية الأدوار والمسؤوليات الحالية للمؤسسات الصحية أكبر التحديات التي تواجه القطاع في أدواره التنظيمية والتمويلية وتقديم الخدمات الصحية، مشيرا إلى أهمية تشكيل اللجنة الوطنية لإدارة وتنظيم الرعاية الصحية التي ستعمل على وضع السياسات والاستراتيجيات والتنسيق والتعاون بين القطاعات والإشراف على اللجان الوطنية.

كما أوضح معاليه أن الوزارة بصدد مراجعة وضع القطاع الخاص مع الزيادة الكبيرة في أعدادهم وضعف جودة الخدمات المقدمة، وتم إرسال فرق صحية لتقديم الدعم الصحي والنفسي في محافظتي شمال الشرقية وشمال الباطنة، ذاكرا أن الوزارة تعمل على تطوير نموذج الرعاية الصحية ليضع المريض والمجتمع في صميم الأولويات والبرامج من خلال مركزية تقديم الخدمات وتمويل الموارد البشرية والأدوية والمعدات لتكون أكثر كفاءة واستدامة، واستخدام أفضل التقنيات ووضع نظام حوكمة أفضل.

جاء ذلك خلال لقاء تشاوري بعنوان «الشراكة من أجل صحة أفضل» جمع وزير الصحة وأصحاب السمو والمعالي والسعادة المحافظين وحضور وكلاء وزارة الصحة وعدد من مديري العموم والمسؤولين بالوزارة وذلك بفندق جي دبليو ماريوت.

هدف اللقاء إلى بحث سبل التعاون والتنسيق والتكاملية والشراكة في كل ما يخدم الصالح العام، وتوحيد الجهود وتسهيل إيصال الاحتياجات المجتمعية وفق الأولوية، وشمولية وصول الخدمات الصحية وفق الأسس والمعايير الدولية، وخدمة للمجتمع وتعزيز الصحة في مجال الوقاية والعلاج والتأهيل،كما يخدم اللقاء الجهود الوطنية المبذولة في تعزيز التكاملية بين المحافظات، كما يعكس أهمية التكامل في استثمار الفرص التمكينية والموارد المتاحة لتحقيق التنمية المستدامة في قطاع الصحة، وتحويل الرؤى إلى واقع عملي مترجم وخطط تنفيذية تنعكس إيجابًا وتنصب في مصلحة التنمية المستدامة العامة.

تشارك الرؤى

وأكد وزير الصحة في بداية اللقاء على أهمية استشعار المسؤوليات الوطنية والواجب الأخلاقي لتقديم كل ما من شأنه تعزيز الشراكة وتوحيد الجهود وحلحلة التحديات للوصول إلى التطوير وفق استراتيجيات وبرامج عمل مدروسة، متطلعين إلى شراكة نموذجية من أجل صحة فضلى ونظام صحي بجودة عالية يتوافق مع رؤية عاهل البلاد المفدى حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -أيده الله وأدام مجده.

وأضاف معاليه: إن هذه اللقاءات في ظل التحولات الهيكلية وتكييفها مع رؤية «عمان 2040» أصبحت ضرورة حتمية لنظام صحي ذي جودة، وذلك لا يتأتى إلا عبر تبادل الرؤى وتشارك المسؤولية.

واستطرد معالي الدكتور وزير الصحة كلامه قائلا: إن أبرز الاهتمامات في المرحلة الحالية هي إتاحة الممكنات ووضوح الأدوات وفاعلية الآليات وكفاءتها بوجود أسس وتشريعات تساعد على الانسيابية وهذا ما نسعى إليه وما تهيأنا لمواكبته على مستوى الصحة بإعادة هندسة القطاع الصحي، لذا جاءت هذه الهندسة لتأسيس أرضية صلبة تستند إليها الضوابط والتشريعات والهيكلة، لتسهيل متابعة الأداء وتقديم الضمانات المرجعية بالمحاسبة.

وأوضح معاليه: من هنا يجب أن نتكاتف جميعًا كل من محافظته ونسعى إلى تعزيز الشراكة مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص والعمل مع القطاعات الأخرى للارتقاء بالمنظومة الصحية في سلطنة عمان بتوسيع الدور التكاملي وتحويل التحديات إلى فرص لضمان توفير خدمات صحية مثلى.

فرص مستقبلية

اشتمل اللقاء على جلستين، جاءت الأولى بعنوان «تطلعات وفرص مستقبلية» استعرض خلالها وزير الصحة مؤشرات تطوير القطاع الصحي في سلطنة عمان وأدوار وزارة الصحة الاستراتيجية وقال فيها: إن مستويات النظام الصحي تعتمد بنسبة كبيرة على البيئة المحيطة المتمثلة في المجتمع وقطاعاته من التنمية والبلديات والمساجد وغيره بنسبة مرتفعة تصل إلى 80% وما بين 20-30% تعتمد على منظومة الرعاية الصحية..

متطرقا معاليه إلى إيضاح أهم تحديات منظومة الخدمات الصحية الحكومية منها تزايد الطلب على الخدمات الصحية مع التغير الديموغرافي بارتفاع أعداد كبار السن وازدياد في انتشار الأمراض غير المعدية، والازدواجية في تقديم بعض الخدمات الصحية، الحاجة لتقوية برامج الصحة العامة وبرامج الوقاية من الأمراض والإصابات، ضعف الخدمات المقدمة في الرعاية الصحية الأولية، محدودية التكامل بين مستويات الرعاية الصحية، مركزية بعض الخدمات الصحية في مستشفيات مسقط وضعف التخطيط والابتكار في تقديم الخدمات الصحية والحاجة إلى تحسين تجربة المستفيد من الخدمات الصحية.

وأما في الموارد البشرية فقد أشار معاليه إلى إعطاء المجلس العماني للاختصاصات الطبية مهام تطوير الموارد البشرية لعدم وجود استراتيجية للموارد البشرية وضعف التخطيط للقوى البشرية العاملة في القطاع بما يخدم الاحتياج الفعلي للسكان، ومحدودية الإنتاجية عند بعض الموارد البشرية لصعوبة التقييم المبني على الأداء داخل المنظومة الصحية التي تعد من التحديات.

وفي الحوكمة والقيادة لا يوجد توجه استراتيجي واضح إضافة إلى ضعف المشاركة في الرؤى والخطط بين المؤسسات الحكومية الصحية المختلفة (وزارة الصحة ومستشفى جامعة السلطان قابوس والمدينة الطبية العسكرية) وهناك تضارب المصالح بين تقديم الخدمة وتنظيمها في وزارة الصحة التي تقدم الخدمة عن الحكومة وتنظم القطاع الخاص فقط.

تحديات التمويل

وتطرق معاليه إلى إيضاح تحديات التمويل التي تمثلت في محدودية التمويل المعتمد كليا على الموازنة العامة للدولة المعتمدة بشكل كبير على أسعار النفط مما يجعل النظام غير مستدام، كما أن 80% من إجمالي الموازنة تذهب للرواتب والبدلات، وفي الأدوية واللقاحات والتقنيات الطبية أشار معاليه إلى تأثر سلاسل الإمداد للأدوية بسبب الجائحة وغيرها من الأسباب والعمل عملت على البحث عن مصادر أخرى، ومن التحديات ايضا وجود هدر في بعض الأدوية وضعف الاستهلاك الرشيد للدواء وعدم وجود أدلة علاجية موحدة لمعظم الأمراض، وهناك تأخر في تبني التقنيات الحديثة كعلوم الجينوم والذكاء الاصطناعي وغيرها من التقنيات.

وذكر معاليه أن البنية الأساسية لقطاع الصحة تتكون من 50 مستشفى لوزارة الصحة، و6 مستشفيات حكومية غير تابعة لوزارة الصحة و35 مستشفى خاص، و213 مجمعا ومركزا صحيا تابعا لوزارة الصحة، و77 مركزا صحيا حكوميا غير تابع لوزارة الصحة و1525 عيادة ومركز تشخيص تابعا للقطاع الصحي الخاص.

وفي الرعاية الصحية الأولية يوجد حاليا 192 مركزا صحيا في مختلف الولايات و22 مجمعا صحيا و23 مستشفى محليا، أما عن مستشفيات الولاية فيوجد حاليا 10 مستشفيات توفر خدمات تخصصية كالولادة والتشخيص والترقيد، و4 مستشفيات ثالثية ومركز واحد تخصصي للأمراض الجلدية.

واستطرد في حديثه عن مستجدات التشريعات والقوانين فقال: هناك العديد من القوانين في دورتها التشريعية مثل قانون الصحة العامة الذي يعد من القوانين المهمة التي توضح السياسات واللوائح والأنظمة في القطاع، وقانون زراعة الأعضاء وقانون الأمراض المعدية ومشروع النظام الوطني للاعتماد في انتظار اعتماده من مجلس الوزراء لتوحيد الأسس.

وأوضح معاليه أن الوقف الصحي ساهم في تقليص قوائم الانتظار لبعض الحالات المرضية المستعجلة لذوي الدخل المحدود وتم إجراء العديد من العمليات منها إجراء عمليات تبديل المفاصل بالتعاون مع القطاع الصحي

قوانين وتشريعات جديدة

كما تحدث في الجلسة الأولى فضيلة القاضي عبد الرحمن بن سعيد المعمري المستشار القانوني لوزير الصحة متناولا أبرز تحديثات وصياغة التشريعات الخاصة بالمنظومة الصحية.. ذكر فيها أن هناك قوانين ونظما تجري صياغتها في القطاع الصحي أهمها قانون الصحة العامة وقانون تنظيم زراعة ونقل الأعضاء والأنسجة البشرية تم رفعهما لمجلس الشورى والوزارة أيضا شريك أساسي في بعض القوانين منها قانون الصحة النفسية الذي يعرض حاليا على الجهات المعنية لإبداء مرئياتها، ومشروع قانوني بشأن الوظائف الطبية والطبية المساعدة كما تم إعداد مسودة أولية لتعديل نظام صندوق التعويضات عن الأخطاء الطبية للمساهمة في تقليل الأخطاء الطبية وتسريع النظر والبت فيها كما تم إعداد لائحة جديدة لصندوق التعويضات عن الأخطاء الطبية ونأمل إصدارها قريبا.

وأشار المستشار القانوني إلى أن الوزارة بصدد إصدار لائحة تنظيم عمل الأطباء الحكوميين في القطاع الخاص كما أنه لا يزال العمل على اللائحة التنظيمية للشؤون الوظيفية لشاغلي الوظائف الطبية والوظائف الطبية المساعدة بالمؤسسات الطبية الحكومية.

الاستثمار والشراكة

وجاءت الجلسة الثانية حول «التنمية الصحية المستدامة والاستثمار والشراكة»، استعرض خلالها سعادة الدكتور سعيد بن حارب اللمكي وكيل الوزارة للشؤون الصحية – تعزيز وتطوير خدمات الرعاية الصحية والصحة العامة في المحافظات «الواقع والمأمول»، واشتملت على ثلاثة محاور هي: تعزيز مدخلات وأنظمة تقديم الخدمات الصحية، وتعزيز غير المركزية تقديم الخدمات الصحية، ودعم خدمات الرعاية الصحية الأولية والصحة العامة.

وضمن الجلسة الثانية استعرض سعادة الدكتور أحمد بن سالم المنظري وكيل الوزارة للتخطيط والتنظيم الصحي دور وزارة الصحة في التخطيط والتنظيم الصحي، مهام ومكونات وكالة التخطيط والتنظيم الصحي، والتحديات والفرص.

وقدم سعادة سليمان بن ناصر الحجي وكيل الوزارة للشؤون الإدارية والمالية عرضًا حول دور وزارة الصحة في توفير الموارد المالية والبشرية واستدامتها، مبينًا فيه المشاريع الإنمائية والمراكز الصحية والتوسعات، ومبادرات وزارة الصحة لتحسين كفاءة الإنفاق، والشراء الوطني الموحد، ومختبر الاستثمار في القطاع الصحي، وترشيد الإنفاق.

وفي ختام اللقاء فتح باب النقاش مع الحضور حيث نوقشت العديد من الموضوعات التي تخدم الصالح العام.

مصدر الخبر

التعليقات